يمكن ملاحظة التكامل بين الاستراتيجيات الفرعية التي تقود كل منها نحو تحقيق الغاية المعينة .
تعمل الاستراتيجية الاقتصادية على توفير التمويل من خلال زيادة الدخل القومي للدولة حتى تستطيع تقديم خدماتها التي تضطلع بها من خلال تنفيذ الاستراتيجيات الاخرى الاجتماعية والعلمية والعسكرية .. الخ .
في هذا الخصوص تسعى الاستراتيجية الاقتصادية لاستغلال الموارد الطبيعية والحصول على الحصص السوقية العالمية .
هذا يستدعي توفير المناخ الملائم وامتلاك القدرات التنافسية العالمية والسياسات الملائمة وتوفير التقانة الحديثة والكوادر المؤهلة .. الخ
ذلك بدوره يتطلب السند السياسي الاستراتيجي الذي يوفر المناخ المناسب من خلال إرساء القيم والحريات والعدالة وسيادة النظام والقانون والمؤسسية.
كما يوفر القدرات التفاوضية اللازمة لمواجهة الصراع الدولي في الساحة الدولية من خلال الترتيبات المحلية المتمثل اهمها في الشراكة الوطنية والاجماع الوطني وترقية السلوك والاداء السياسي ، والترتيبات الدولية المتمثل اهمها في التحالفات والشراكات والتكتلات الاقليمية .
كما تسعى الاستراتيجية العلمية لتوفير السند العلمي المطلوب للتنافس الاقتصادي العالمي .
وكذا توفر الاستراتيجية التعليمية الكوادر المطلوبة لتحقيق الاستراتيجية الاقتصادية .
في ذات الوقت نجد ان تحقيق الاستراتيجية السياسية يحتاج للاستراتيجية التعليمية والاعلامية والتربوية والثقافية لصياغة السلوك السياسي الراشد وقيادة التغيير الاستراتيجي السلوكي .
وكذا نجد ان الاستراتيجيات التعليمية والعلمية والاعلامية تتوجه بصورة مباشرة نحو معالجة نقاط الضعف والمهددات والقضايا الاستراتيجية والتحديات الواردة في الاستراتيجيات الفرعية .
وكذا الاستراتيجية التقنية توجه عنايتها نحو التقانات المحددة المطلوبة للمصالح الاستراتيجية .
فيما نجد من جانب آخر ان تحقيق القدرات التنافسية العالمية في انشطة الدولة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية .. الخ ، والذي يعد نقطة الارتكاز لخوض التحديات العصرية وصراع المصالح ، يرتكز بشكلٍ أساس على التقنيات الحديثة .
ونجد ان القدرات التنافسية العالمية مطلوبة للاعلام ولمؤسسات التعليم الوطنية .. الخ ، وبدونها لا يمكن إدارة عمليات التنافس الدولي .
وتنفيذ انتخابات حرة نزيهة قليلة الفساد ، هو مدخل مهم لتحقيق التداول السلمي للسلطة وبالتالي الاستقرار السياسي المطلوب لتحقيق النهضة الشاملة.
كما أن جهود الدول لتحقيق توازن القوى على الصعيد الدولي وتعزيز قوتها الاستراتيجية الشاملة ، يستند بشكلٍ كبير على امتلاك التقنية الحديثة .
من زاوية اخرى نجد ان الاستراتيجية الاقتصادية على سبيل المثال من خلال التوزيع العادل لمشروعات التنمية وتحقيق فرص العمل وتوفير الخدمات بعدالة ، ومن خلال الشراكات الاقتصادية الدولية والحصص الاستراتيجية في الاسواق وربط المصالح الدولية بالمصالح الوطنية .. الخ ، تساهم في تعزيز القدرات التفاوضية الوطنية وتحقيق الامن والاستقرار .. الخ ، وهي اهداف سياسية .
بينما يتعذر تحقيق هذه المصالح الاقتصادية في ظل غياب المناخ السياسي المناسب المتمثل اهمه في سيادة النظام والقانون وكفاءة واستقلالية الخدمة المدنية ، كما يتعذر في ظل غياب الارادة الوطنية التي تلتزم بتنفيذ الخطط الموضوعة وعدم الخروج عنها .
بينما نجد ان استراتيجية العلاقات الدولية تصوب اهدافها تجاه تحقيق المصالح الاستراتيجية الوطنية وبذا تسعى لاستيفاء الترتيبات الدولية المطلوبة لتحقيق تلك المصالح .
على الصعيد الاجتماعي نجد ان متانة النسيج الاجتماعي على سبيل المثال ، يمثل ركيزة اساسية لتحقيق الاهداف الاستراتيجية السياسية .
هكذا نجد ان الاستراتيجيات المختلفة تمثل الاجزاء الرئيسة لتركيب آلة ضخمة ، وان تفصيلات كل منها تمثل التروس التي مهما اختلفت احجامها فهي تعمل جميعاً لكي تدور تلك الآلة وتؤدي مهامها ، وعليه سنكتشف اننا نحتاج لكل تلك الاجزاء والتروس وان غياب بعضها او عدم عمل بعضها بالشكل المطلوب ، يؤدي إلى فشل المشروع برمته او تحقيق نجاحات محدودة .
وهكذا الاستراتيجية القومية لا يمكنها تحقيق النجاح في ظل غياب او إخفاق بعض الاستراتيجيات الفرعية .
غياب التخطيط الاستراتيجي السياسي من أدبيات التخطيط في العديد من الدول النامية بعد الاستقلال ، واقتصاره على التخطيط الاقتصادي والاجتماعي ، ادى بصورة مباشرة لعدم قدرة تلك الدول على تحقيق نهضة طموحة بل ودورانها في اتون الصراع والتخلف .
عدم صياغة استراتيجيات التعليم على خلفية التخطيط الاستراتيجي من نقاط ضعف ومهددت وقضايا استراتيجية مطلوب التعامل معها ، ساهم كذلك في تعثر الاستراتيجيات التنموية بتلك الدول ، يشمل هذا الجانب عدم الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي في مجال التقنية والبحث العلمي والإعلام .