يعتبر علم الجيوبولتيك من العلوم الحديثة الهامة حيث يعبر عن طبيعة العصر الحالي من حيث تكامل وتداخل العلوم الإنسانية المختلفة ، والواقع المعاش يستمد جذوره من تركيبة معقدة من العلوم الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والتكنلوجية والعسكرية ، ولا شك أن إقتران هذه التشكيلة بعلم الجيوبولتيك جعل منه منهجاً علمياً معاصراً يعمل على حل معظم الإشكاليات بصورة شمولية وخصوصاً بعد أن أصبحت العالمية تفرض نفسها على عالم اليوم وتلعب دوراً كبيراً في حياة الشعوب والأفراد ، وأصبحت إنعكاسات الأحداث المحلية والإقليمية تتعدى بعدها الجغرافي المححلي لتظهر آثارها في كثير من أرجاء المعمورة ومن أمثلة ذلك الصراع الفلسطيني اليهودي والحرب العراقية الكويتية وآثارها المدمرة على الوطن العربي والعالم الإسلامي قاطبة .
تعريف علم الجيوبولتيك – الجيوبولتيكا أو الجيوبوليطيقا ، كما هي واضحة تتكون من جزئين الأول ( Geo ) بمعنى الأرض وترمز إلى علم الجغرافيا و الثانية (politics ) وتعني السياسة ، أي أن الكلمة مجملها تعني دراسة العلاقة بين الأرض والسياسة وهذا مغاير لمعنى ومفهوم الجغرافيا السياسية بالرغم من أن الجغرافيين السياسيين الأمريكيين لا يفرقون بينهما .
إن الجيوبولتيك ترسم وتتصور الخطة المستقبلية للدولة على ضوء مفهوم مفردات علم الجيوبولتيك ، بينما الجغرافيا السياسية تهتم بالظواهر السياسية ( Political Phenomena ) في أبعادها المساحية Aerial Context .
إن الجيوبولتيك تهتم بمستقبل الدولة فقط بينما تهتم الجغرافيا السياسية بماضي وحاضر الدولة .
إن الجيوبولتيك في تحرك وحيوية مستمرة بينما الجغرافيا السياسية تميل للثبات والجمود .
إن الجيوبولتيك تعمل لخدمة أهداف الدولة بينما الجغرافيا السياسية تطيع صورة الدولة .
كذلك يمكن تعريف علم الجيوبولتيك بأنه العلم الذي يبحث في قوانين ونمو الدولة وتكييف سياستها الخارجية وفقاً لظروفها الجغرافية .
يمكن تتبع مراحل ونشوء وتطور هذا العلم منذ أن بدأ المفكرون والفلاسفة يهتمون بمسألة تحليل العلاقة بين الإنسان والبيئة الطبيعية وذلك أثناء محاولاتهم دراسة علم الجغرافيا في إيجاد قوانين تفسر ظاهرة الإستسلام والتحدي بين الإنسان والبيئة .
إن كل دولة لها بيئتها الخاصة ومواردها المميزة لشخصيتها ومن ثم فلكل شعب سلوك خاص يميزه عن غيره من الشعوب .
وظهرت في هذا الصدد نظريتان هما :
هي النظرية الحتمية البيئية ( Environmental Deteminism ) والتي تفترض وجود علاقة سببية بين العوامل الطبيعية والنشاط الإنساني ، حيث ترى هذه المدرسة أن البيئة الطبيعية تؤثر على نشاط الإنسان الإقتصاديي والإجتماعي والسياسي ، بل تتعدى ذلك وتؤثر على قامته ولون بشرته وشكل شعره ونوع أنفه وتقرر سلوكه وتحدد مزاجه .
النظرية الإختيارية ( Environmental Possibilism ) وهي تمنح الإنسان والمجموعات البشرية عدداً من البدائل المحتملة وإمكانية الإختيار فيما بين مجموعة من الفرص التي تتيحها لهم البيئة الطبيعية ، وإن إرادة الإنسان في هذا الصدد هي القوة الدافعة التي تلعب الدور الرئيسي في تقرير مصير الإنسان .
وقد أوجدت هاتان النظريتان مجالاً خصباً لظهور العديد من العقائد والأيديولوجيات التي لعبت دوراً كبيراً في تشكيل أنماط مميزة من النظريات القائمة على أهداف متكاملة شكلت قوائم برامج سياسية وثقافية وإجتماعية وعسكرية أثرت بصورة واضحة في إقرار وثقافة وحياة العديد من الشعوب :
النظام الرأسمالي .
النظام الإشتراكي الشيوعي .
هو أحد الرواد الأوائل المؤسسين للمدرسة الجغرافية في بريطانيا ، وكان أول أستاذ للجغرافيا من جامعة أكسفورد حيث إستطاع أن يفرق بين الإقتصادية والجغرافية السياسية .
وفي عام 1919م نشر كتاب بعنوان ( المثل العليا للديمقراطية والحقيقة الواقعة ) أثناء إنعقاد مؤتمر السلم المنعقد في جنيف شرح فيه تنظيمه الجيوبولتيكي للعالم القائم على الشواهد الجغرافية حيث يرى في تاريخ الحراك البشري صراعاً مستمراً بين الدول القارية .
وقد قسم ماكندر العالم إلى عدة مراكز طبيعية للقوة السياسية يمكن أن تحدد جغرافياً كالآتي :
لاشك أن قيام الثورة والإمبراطورية الفرنسية كان له عظيم الأثر في غرس الفكر الجيوبولتيكي في أوروبا وخاصة في ألمانيا ولايمكن للمؤرخ المدقق أن يغفل الآثار العميقة على الفكر الألماني التي نتجت عن إكتساح نابليون لأراضيها وإستقطاع ولايات من بروسيا وإخضاعها بجباية تعويضات حربية باهظة وإستقرار جيش إحتلال ثقيل الوطأة والنفقة في أراضيها وكذا تحديد قوتها المسلحة . وعندما بلغ نابليون ذروة مجده في يونيو 1807م صارت بروسيا تحت مواطئ قدميه ومنذ ذلك الحين كانت ألمانيا لا تستهدف إلا النهوض بالأمة الألمانية ، وخلق لها قوة صارمة تمكنها من خلع المستعمر الأجنبي وكانت بروسيا هي الفكر والقلب لحركة النهضة واليقظة الألمانية .
شغل منصب أستاذ كرسي ( الجغرافيا ) في جامعة ليبزج ، وإهتم بدراسة تأثير البيئة الجغرافية على الوحدات السياسية . تأثر راتزل في كتاباته بمبدأ رتر في الحضارات العضوية . لذا فقد أسهب في وصف الدولة العضوية ككائن حي قائم في مجال محدد ، وغذي فكره بآراء داروين عن القوتين البيولوجية للإنتخاب الطبيعي وبقاء الأصلح .
ومن هنا جاء تصوره للدولة ككائن حي يعيش في مجال معين ويناضل في سبيل توسيع هذا المجال وكان يؤمن بأن الدولة الغنية في بيئة طبيعية مناسبة يمكنها أن تتوسع في حدودها وأن تصبح وحدة سياسية ذات قوة كبرى . وتقوم أفكار راتزل أساساً على مبدأين هما :
المجال الحيوي ( Lebensraum Living Space ) .
الموقع الجغرافي ( Geographical Location ) وأعتبر أن هذين العاملين هما اللذان يحددان القيمة الجغرافية ومستقبل أي دولة على سطح الكرة الأرضية .
يربط راتزل بعد ذلك بين موقف المجال الأرضي وبين الخصائص القومية للشعوب فيوضح بأن الإحساس بأهمية المجال الأرضي يجب أن يتوفر لدى كل من السلطة الحاكمة والشعب الذي يمثل الأداة التي تنفذ إرادة الدولة وتحقق مكاسبها الأرضية وتدعم نفوذها سواء عن طريق الحرب أو الإستيطان فإذا لم يتوفر هذا الإحساس لدى السلطة الحاكمة فلن تتمكن الدولة من توسيع رقعتها الأرضية رغم مساحات الأرض الأم وبالفعل فإن التاريخ يؤكد وجهة نظر راتزل .
يجئ بعد ذلك العالم كيلين أستاذ العلوم السياسية بجامعة (Uppsala ) وكان سويدياً ذا نزعة قوية ، عاصر راتزل وتأثر بآرائه خاصة فكرة أن الدولة كائن عضوي . ويرجع له الفضل في إستعمال لفظه ( Geopolitics ) والتمييز بينهما وبين الجغرافية السياسية .
وضوح مدى تأثرهم ( المجال الجغرافي ) وعلى حد قولهم فإن المجال يتحكم في تاريخ البشرية . ويظهر هنا مدى تأثرهم بآراء راتزل من حيث أن تدهور كل دولة هو نتيجة لتدهور وضعف فكرة المجال الأرضي عندها . وهوسهوفر من المؤمنين بأن الدولة يجب أن تتسع أو تهلك . وفي تطبيق هذا المبدأ تسليم ضمني بأن قيام الدولة العظمى ( Super State ) معناه زوال الوحدات الصغرى.
فكرة أن الدولة كائن حي – أي أنها كائن عضوي له إحتياجات بيولوجية من أجل النمو والتطور - ومن ثم فعليها أن تجيد إستغلال كافة مواردها وإمكانياتها الطبيعية وظروفها الجغرافية لبناء قوتها السياسية . ومن ثم يمكنها تلافي عوامل الضعف التي تفرضها البيئة المحيطة بها .
العامل الإقتصادي في هذا تدعو المدرسة إلى ضرورة وصول ألمانيا إلى درجة تمكنها من سد حاجتها الذاتية واضعين لها الإعتبار والأهمية العظمى لهذا السلاح - سلاح التحكم الإقتصادي في كل توسع سياسي . معلنين أن التغلغل الإقتصادي الكامل له نفس الآثار التي تترتب عن إحتلال الأرض.
موقع العاصمة كمعيار لدرجة إستقرار الحالة الداخلية للبلاد .
درجة تحضر وتجمع السكان ( Urbanization ) وفي هذا يؤكد هوسهوفر أن لإنتقال السكان إلى الحضر يقلل من درجة تحكمهم في التربة ( Soil Mastery ) كما يضعف نسبة المواليد ويسبب مشكلات عسكرية للدولة في أثناء الحرب يخلق مناطق فراغ خاصة في منطقة الحدود أو القلب .
وجود منطقة تصادم تتلاقى عندها حدود الدول المتنافسة .
فيما يتعلق بالآراء الخاصة بالناحية العسكرية للجيوبولتيك . يؤكد هوسهوفر في هذا الصدد أن المشاه هم الذين يقررون مصير القتال لأنهم هم الذين يستولون على المجال الأرضي .
ثم يذكر هوسهوفر أيضاً أن الرقعات الصغيرة مناطق يمكن أن يستعان بها في الهجوم أما البلاد ذات الرقعة الكبيرة فهي تساعد في الدفاع . وفي هذا الصدد فإنه يحذر أي دولة من القتال في ميادين مختلفة في وقت واحد .
ضابط البحرية الأمريكي الجنسية المولود عام 1840 والمتوفي عام 1914 . يعتبر مؤسس للمدرسة الأمريكية الحديثة في علم الجيوبولتيك .
وضع سياسة السلامة والأمن للدولة على أساس العوامل الجغرافية :
الموارد الطبيعية :
النفط .
المياه .
الأمراض الزراعية .
المعادن الإستراتيجية ( اليورانيوم / الذهب ) .
الموارد البشرية :
النمو السكاني .
الثقافية ( اللغة – الدين ..... الخ ) الصراع العقائدي الثقافي )
النسيج الإجتماعي .
التعليم .
العادات والتقاليد .
الحالة الإقتصادية والصحية للسكان .
الموقع الجغرافي الإستراتيجي :
المضايق والخلجان .
البحار والمحيطات والمسطحات المائية .
المجال الحيوي للدولة .
النفوذ الأجنبي على دول الجوار .
موقع الدول بالنسبة لدولة إسرائيل .
يمتلك السودان بحدوده الحالية، الموارد الاقتصادية الكافية لدفع عجلة التنمية والتقدم في أقاليم السودان المختلفة .
أهم عناصر تلك الموارد هي :-
المساحة ، يصنف السودان ضمن اكبر عشر دول مساحة في العالم ( مليون ميل مربع) ،وهو بذلك يفوق مساحة دول غرب أوربا مجتمعة .
الموقع الجغرافي ، يحتل السودان موقعا جغرافيا متفردا ( قلب القارة الأفريقية ) ،وهو بذلك يمثل حلقة الوصل بين الدول العربية والأفريقية.
الامتداد الجغرافي، يمتد السودان في مساحة جغرافية واسعة، تمتد من الشمال إلي الجنوب لتغطية 18 دائرة عرضية ، وهو بذلك يحتوي علي معظم الأقاليم الجغرافية بمنتجاتها النباتية والحيوانية المتنوعة .
الموارد المائية، يمتلك السودان موارد مائية هائلة قلما تتوفر لدولة أخري، حيث تمر باراضيه أطول انهار العالم( نهر النيل)، تغذيه 15 رافدا فرعيا، وتهطل فيه امطارا غزيرة ،تقدر بمليار متر مكعب سنويا، إضافة إلي مخزونا من المياه الجوفية تقدر بأربعين مليار مترا مكعب، بتغذية سنوية تفوق أربعة مليار مترا مكعبا .
الأراضي الصالحة للزراعة ، يمتلك السودان من الأراضي الصالحة للزراعة، ما تفوق مساحة أراضي جمهورية مصر العربية ( أكثر من مليون كيلومتر مربع) .
الغابات، يمتلك السودان حوالي80% من جملة الغابات في الوطن العربي .
المراعي، يمتلك السودان حوالي10% من جملة المراعي في الوطن العربي .
الثروة الحيوانية، قدر مجموع الوحدات الحيوانية المختلفة في السودان بحوالي مائة وثمانية وعشرون (128) مليون راس، وهو بذلك يقع في المرتبة الثالثة في العالم في إعداد الحيوانات بعد الولايات المتحدة واستراليا .
النفط تشير بعض التقديرات إلي إن الاحتياطي النفطي المؤكد في السودان، يبلغ مائة وثمانية وثلاثون(138) مليار برميل، وهو بذلك يفوق احتياطي المملكة العربية السعودية صاحبة اكبر مخزون نفطي في العالم .
تفوق أعداد السكان في السودان الثلاثة والثلاثون (33) مليون نسمة ،حسب تقديرات تعداد عام2000 ، ينتمون الي597 قبيلة، تتحدث القبائل العربية (85% من عدد السكان) اللغة العربية كلغة أولي، والبقية من العناصر الزنجية (15% ) ،يتكلمون العربية كلغة ثانية بعد لهجاتهم المحلية ( 500 لهجة) ،وهو بذلك يمتلك الأعداد الكافية والتنوع الثقافي اللازم لدفع عجلة التنمية في البلاد .
الجفاف .
الأمطار والسيول .
الفيضانات .
الرياح والعواصف الجليدية .
الصقيع .
الزلازل والبراكين .
القبلية والعرقية .
الدينية .
النهب المسلح وقطع الطريق .
الهجرة .
النزوح .
اللجوء .
الجهل .
الفقر .
المرض .
الإنفجار السكاني لدول الجوار وإحتلال الأرض الحيوية المجاورة .
شد الأطراف وبترها .
حرب الحدود بغرض الإستنزاف وإسقاط النظام الحاكم .
إسقاط النظام الحاكم .
إحتلال الدولة .
تدمير المنشآت الحيوية أو قتل الأشخاص الإستراتيجيين .
السيطرة على الموارد الإقتصادية .
تفتيت وتقسيم الدولة .
الحصار الإقتصادي .
الحظر الجوي والبحري .
المقاطعة السياسية .
المقاطعة الدبلوماسية .
إسقاط النظام الحاكم .
العزل السياسي .
تفتيت وتقسيم الدولة .
القوة السياسية والدبلوماسية .
القوة الإقتصادية .
القوة الإجتماعية .
القوة الثقافية .
القوة الإعلامية .
القوة التقنية والعالمية .
القوة الأمنية والعسكرية .
المهددات الأمنية الخارجية والداخلية لا يتم علاجها وحل إشكاليتها في أي دولة إلا إذا خضعت منظومة من العلوم المختلفة تعمل معاً في تفاعل وإنسجام وتناسق مكونة في النهاية الإستراتيجية الأمنية الخاصة بالمهددات الخارجية والداخلية ويتطلب ذلك وجود مراكز ومعاهد بحثية متعددة الإتجاهات الفكرية والثقافية .